كتاب الطالب السنع الإماراتي الاجتماعيات من الصف التاسع إلى الصف الثاني عشر 2021-2022
أولا: جهود القيادة الرشيدة في دعم السنع الإماراتي
تحرص قيادتنا الرشيدة على ترسيخ الشنع في نفوس الأجيال، وتعميق معناه في سلوكاتهم، من خلال منهج رصين ومتكامل يستمد أصوله من قيم سنع الأجداد العريق وتحقيق التنمية المستدامة في مجتمع الإمارات، وهذا الشنغ الشامخ بأهدافه، سلوك لا تكتمل الحياة اليومية إلا به، ولطبيعته البسيطة والمنسجمة في سلوك الأفراد بقي بعيدا عن كل أشكال التصنع، وسلوكا يحياه الأفراد دون الحاجة للوعظ والإرشاد.
إن المنهج الرامي إلى إكساب الجيل الحالي والأجيال القادمة من أبناء الإمارات، قيم وتقاليد آبائهم وأجدادهم، مشروع تنموي بقدر ما هو مشروع ثقافي وحضاري، ذلك بأن بناء الفرد محور ومرتكز أساس في استراتيجية قيادينا الرشيدة، التي يقود ركبها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله- وينسق صفوفها ويتابع رحلتها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي -رعاه الله، مكللة بالرعاية السامية والدعم اللامحدود والرؤية الواثقة بالمستقبل من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، - حفظه الله- وإخوانهم حكام الإمارات.
وما من شك أن وطنا مدعوما بتراثه الأصيل، ثريا بإنجازاته الواسعة، معززا بقيادته الرشيدة، واثقا بأبنائه، وطن جدير بالسمة والرفعة، وجدير بإعداد أجيال المستقبل التي تحافظ على هويته، وتستكمل مسيرته وسنعة.
ثانيا: تعريف السنع الإماراتي
السنع أو المذهب، أو السمت أو المعاني، مترادفات في التراث الإماراتي لمجموعة القيم والتقاليد، وأنماط السلوك التي تعارف عليها أبناء المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتزموا بتطبيقها في الكثير من تفاصيل حياتهم، حتى باتت مكونا مهما من مكونات هويتهم، وخصوصيتهم الثقافية والاجتماعية، تتناقلها الأجيال، وتحافظ عليها في إطار من الوعي بالمبادئ النبيلة، والقيم الأصيلة التي تنطوي عليها، والتي تسهم في مجملها بتهذيب النفس، والارتقاء بالسلوك، وغرس المثل السامية، والسمو بالمجتمع.
(راعي سنع) أو (صاحب مذهب)، ذو صفات ترتقي به إلى درجات الرفعة، وتقربه إلى مراتب الكمال، أو الحسن من الأفعال، لهذا وصفت المعاجم والمصادر اللغوية السنع بصفات الجمال والحسن.
ثالثا: لماذا نتعلم السنع؟ ولماذا نعلمه؟
لماذا نتعلم السنع؟ أو لماذا نعلم السنع ؟ وما من شك أن السؤال وأهميته تتجلى بأسباب ومبررات، يمكن بالوقت الراهن وسمها بالواجبات أو الضرورات التي تغدو اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ومنها:
1. القيمة المتنامية للتراث المعنوي في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز مقوماتها، وهنا لسنا بحاجة إلى التدليل بأن السنع، والعادات، والتقاليد، والموروث الشعبي فروعا وأصولا، شكلا ومضمونا، فكرا وسلوكا، هي التي تعبد لنا الطريق الواعد نحو المستقبل، وتجعل السير عليه آمنا بلا معوقات.
2. الأهمية البـارزة للشنغ في الحفاظ على العـادات والتقاليد التي تبني السلوك الراقي، وتعـزز مكارم الأخلاق، وهو لا ينحصر في أدب الكلام، وحسن التخاطب، التواصل مع الآخر، بل يمتد إلى السلوكات التي تبقى دائما، ومنها: الاهتمام بالمظهر العام، وآداب المجلس، وآداب الطعام، وبر الوالدين، وإغاثة الملهوف، واستقبال الضيف، واحترام الكبير، والعطف على الصغير، والرحمة واللين، وآداب السفر، والصدق والأمانة، والوفاء بالعهد، واحترام المواعيد، والمعاهدات، والتواضع، ولين الجانب، والكرم، وعدم الكبر.
3. تقديم إطار وطني قيمي أخلاقي نابع من الدين والتراث المعنوي من أجل مجتمع إماراتي متماسك.
4. عرض ومضات من فكر الآباء والأجداد ليمثل لهم القدوة والطريق القويم نحو العيش في مجتمع سليم.
5. تعزيز الروابط الاجتماعية التي تؤدي إلى التجانس بين أفراد المجتمع.
6. دعم الطلاب في التخلص من العادات غير المقبولة والسلوكات السلبية المرفوضة بإكسابهم أنماط سلوكية إيجابية سوية.
7. إن اكتمال المعمار الحضاري والثقافي، والسير أبعد في مدارج النهضة والتطور والتقدم الذي تشهده دولة الإمارات العربية المتحدة وبناء منظومة القيم والعادات والتقاليد وأنماط السلوك التي ترى عليها الأجداد والآباء وحافظوا عليها، بقيت تميزهم، وتبرز سماتهم، وكفاحهم في الحياة، وترسخ جذرا عميقا في تربة الوطن، يواجه كل من يحاول انتزاعه من موطنه الأصيل.
مقومات السنع في المجتمع الإماراتي
لم يكن السنع الإماراتي وليد لحظة عابرة أو محصلة لحادث طارئ في المجتمع الإماراتي، إنما كان استجابة واعية وضرورية للظروف التي مر بها هذا المجتمع، والتي تفاعلت بها إرادة العيش والاستمرار في الحياة مع المقومات الجغرافية أو المكانية، والتجربة التاريخية الممتدة في استثمار الممكن أو المتاح من موارد الكلبيعة في البر والبحر
وفي إطار هذه المقدمات، تشكلت تجربة أبناء الإمارات الاجتماعية، وكان السنع الإماراتي منتج أصيل، في فصوله وأطواره، حكاية للبحر، وأخرى للصحراء.
وهذا البعض من منابع السنع الإماراتي وإن أسهم في إبراز خصوصية المجتمع الإماراتي في صنع تقاليده، ومفردات حياته، إلا أنه بقي يغذي هذه التقاليد ضمن مقومات أكثر اتساما وشمولا، ومن أهمها:
أولا: وحدة المكان
يشكل المكان أو الجغرافيا ركيزة مهمة من ركائز نشوء الدول وتطورها، فهو بخصائصه الطبيعية من حيث الشكل ومظاهر السطح والمناخ والمساحة والحدود والموارد عامل من عوامل وحدتها، وتيسير التواصل بين أقسامها، وذاكرة حية لنشاط المجتمع الذي عاش ويعيش فيها.
وهو من الوجهة الثقافية والتراثية والسجل الخالد للشعوب، تسطر في جباله وسهوله وبره وبحره تعبها وجهدها في إعماره وازدهاره.
ووفق هذا المفهوم الواسع للمكان أو الجغرافيا، يمكننا القول: إن تراث الإمارات وتاريخها القديم والحديث، بدأ بالتشكل والتكوين منذ أكثر من سبعة آلاف عام، رصدت الكثير منه حضارات عديدة تركت آثارها في العديد من المواقع والمستوطنات، مثل: أم النار، وحفيت، وهيلي، ومليحة، والبدية، والدور وغيرها ومع أن هذه المواقع تحكي لنا نشاط الإنسان في الجوانب التراثية المادية، إلا أنها مفيدة في الاستدلال على عمق هذا التراث ومقدمات التاريخ الحضاري لمجتمع الإمارات، في سبل العيش وأسلوب الحياة، باعتبارهما منتج من منتجات الزمان والمكان.
إن جغرافية دولة الإمارات العربية المتحدة رغم تعدد مظاهرها وتوزعها في العديد من البيئات: الساحلية، والصحراوية، والجبلية، والبحرية، ورغم أن كل منها أوجد طيفا واسعا من التقاليد والسنع والأعراف، فإنه من المؤكد أن ثنائية البر والبحر هي الأبرز في هذا التشكيل، أضاف لها ثراء وجمالا في إطار متكامل استمرت معالمه حتى يومنا هذا.
ثانيا: وحدة الزمان
عاش شعب الإمارات كفيره من شعوب وقبائل الوطن العربي، في مناطق صحراوية أو شبه صحراوية قاسية المناخ، شحيحة الموارد، غير أن هذه الظروف الصعبة، شكلت مبررات التعاون، والعمل المشترك، والعيش في إطار الجماعة بدءا من الانتماء للأسرة الصغيرة فالأسرة الممتدة، ثم العشيرة والقبيلة...
وهكذا بدأت بنية المجتمع وأسسه تتكامل شيئا فشيئا، تحت لواء العشيرة والقبيلة، ثم الدولة بكامل أركانها ومقوماتها، رافق هذا كله تعزيز القيم والتقاليد الأصيلة التي توفر لها مقومات البقاء كالتعاون، والتسامح، والتضامن، والتكافل والإيثار، إلا أن هذه القيم ما كان لها أن تستمر وتكون فاعلة في المجتمع إن لم تعززها وتتكامل معها قيم أخرى كاحترام الجار، وصلة الرحم، وإكرام الضعيف.
وهكذا شكلت هذه القيم ردا مناسبا للمجتمع على قسوة الطبيعة وضعف مواردها المتاحة، وكانت حلا ناجزا لا مفر منه من أجل مواجهة تحديات المكان. وبقي المجتمع متسلحا بها لمواجهة قسوة الزمان وتحدياته.
غير أن هذه المنظومة المتكاملة من القيم ما كان للمجتمع أن يستثمرها بكفاءة ونجاح في هذه المواجهة دون أن توجه خطاه قيادة واعية تمثلت بشيخ القبيلة الذي بقي دائما القائد، والراعي لشؤونها في السلم والحرب،
جعل شيخ القبيلة أمام العديد من التحديات، ولا مفر أمامه غير إثبات قدرته على حماية القبيلة، وتعزيز قيمها، والانتقال بها من نجاح لآخر
إن هذا الدور التكاملي بين مفهوم القبيلة. ومفهوم المشيخة في المجتمع الإماراتي، جعل منها معززا فاعلا لمنظومة القيم التي تأصلت على مر الزمان في هذا المجتمع، وأظهر الحكام من الشيوخ اعتزازا بالتراث المادي والمعنوي ومنه قيم السنع، والتزاما به مثل غيرهم من أفراد المجتمع في خطوة ريادية، وثقة عميقة بدور السنع في المحافظة على مقومات المجتمع، وسماته البارزة، وقيمه الأصيلة.