كتاب النصوص لغة عربية الصف التاسع الفصل الأول 2021-2022
رسالة إلى الطالب
يجب أن يكون الكتاب فأسا للبحر المتجمد فينا»
(كافكا)
عزيزي الطالب
هذا کتاب صمم ليكون رفيقالك وصديقا؛ ستجد فيه النصوص المقررة في كتاب الأنشطة اللغوية، ونصوصا أخرى رديفة، في كل فن من فنون القول: القرآن الكريم، والحديث الشريف، والنصوص الأدبية، ونصوص الرأي، والنصوص المعلوماتية. وهو دعوة منا لتكون القراءة طقسا من طقوس حياتك اليومية، تجد لها متسعا من الوقت، فتخلو فيه بكتاب تقرؤه بحرية، وتبحر في عوالمه بهدوء وسلام.
إن التحرر من نمط الحياة المقيدة بالدروس المقررة والاختبارات إلى الحياة المنفتحة على الثقافة والمعرفة بكل أشكالها وألوانها هو الذي سيمنحك أدواتر نجاح راسخة وممتدة ومتنامية وهو الذي سينير بصيرتك لترى الحياة أكبر بكثير من مجرد مدرسة وصف و درس. إننا نحثك على أن تجعل للقراءة في هذا الكتاب و كتب أخری وقتا تقتطعه من يومك، ولو كان قصيرا، ونشجعك على أن تجعل القراءاتك في هذا الكتاب والكتب الأخرى صدى في حياتك، فتتحدث عنها مع أصدقائك وعائلتك، وتكتب عنها على صفحاتك الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي؛ فكل هذا سيسهم إسهاما ملموسا في بناء شخصيتك، وتعزيز ثقتك بنفسك، وتزويدك بمفاتيح النجاح الدائم المستمر.
عزيزي الطالب
إن القراءة، وقراءة الأدب على وجه الخصوص، تساعد المرء على أن يكون أكثر فهما للحياة والناس، وأوسع أفقا، وإن هذا النوع من القراءة هو الذي يجعل الإنسان أكثر تواضعا وتسامحا وذكاء. إن كل قصة أو رواية تقرؤها هي بمثابة بوابة تفتح لك لبير الحياة بتفاصيلها الصغيرة، تلك التي قد لا ننتبه لها ونحن نمارس واجباتنا اليومية، ونغدو ونروح مع الغادين والرائحين. إن هذه البوابة هي التي تجعلك تستقر في قلوب الكثيرين من الناس، أولئك الذين تكتب عنهم القصص، وتحكي حكاياتهم الروايات، فتعرف مالم تكن تعرف، وتدرك ما لم يكن خطر لك على بال.
عزيزي الطالب
إن قراءة الأدب تشبه الدخول في مرآة سحرية كبيرة، تكشف لك وجوها لا نهاية لها للحياة، الفعل الزمان في الإنسان، وللإنسان في ضعفه وقوته، في صدقه وكذبه، في عزه وذله، في أنانيته وظلمه، في رقته وقسوته في أحزانه وأفراحه، وآلامه وأحلامه. وكلما انفتح کتاب بین يدي قارئ في مكان ما، في زماني ما، استطالت مرآة سحرية أمامه ليرى ما لم يكن يی، ويكشف ما كان سيبقى محجوبا للأبد لولا لحظة تبشر قادته إلى أن يمسك بين يديه قصة أو رواية ستجعله بعد أن يقلب الصفحة الأخيرة فيها يزداد يقينا أن الخلود لا يكون إلا للخير والحق والجمال.
نرجو لك رحلة ممتعة ومفيدة مع اللغة العربية
الشعر الجاهلي
الشعر الجاهلي هو الشعر العربي الذي قيل قبل الإسلام، وقد تميز العرب عن سواهم من الأمم الأخرى بصفاء القريحة وملاءمتهم بين بيئتهم وخيالهم وتأملهم، فكانوا أشعر الأمم فالبادية بيئة الشعر الجاهلي، ولذلك كان الشعر مرآة لهذه الحياة البدوية القاسية الخشنة يصف الأطلال والديار والأنتجاع والظعن والفلاة والحيوان والمعارك و آبار المياه.
لقد كان الشعر ديوان حكم العرب وعلومهم، وسجل وقائعهم وسيرهم، ومادة حوارهم، يرتجلونه؛ ليعبروا عما يختلج في صدورهم من عواطف وهموم. والشعر الجاهلي شعر غنائي ذاتي يصور نفسية الشاعر وأحاسيسه، سواء أكان يتغزل أم يفخر أم يمدح أم يهجو أم يرثي أم يعاتب أم يعتذر أم يصف. لقد كان الشعر ينشد إنشادا أو يغني غناء، فالغناء كان أساس تعلم الشعر ومن أساليب التعبير عنه.
وتظهر موسيقى الغناء في وزن القصيدة وحرف رویها (قافيتها) الموحد؛ فإن كان حرف الروي (القافية في القصيدة (الباء) تسمى القصيدة (بائية)، وإن كان حرف الروي في القصيدة (الدال) تسمى القصيدة (دالية)، وإن كان حرف الروي في القصيدة (نونا) تسمى القصيدة (نونية)
وقد تبوأ الشاعر الجاهلي مكانة مرموقة في عصره فكان لسان قبيلته، كما لعبت الأسواق الموسمية الكبرى دورا مهما في التعريف بالشعراء ونقل أشعارهم بين القبائل الأخرى. فالأسواق لم تكن للبيع والشراء فحسب، بل كانت -أيضا- للخطابة والشعر، ومن أهم هذه الأسواق: سوق عكاظ، وهي سوق في صحراء بين نخلة والطائف شرق مكة، وكانت تستمر عشرين يوما، وسوق ذي المجاز قرب ينبع، وينبع تغير مدينة الرسول، وسوق ذي المجنة قرب مكة
ويذهب المؤرخون إلى أن النابغة الذبياني كان من المحكمين، تقام له في هذه الأسوق قبة، يذهب إليها الشعراء؛ ليعرضوا شعرهم عليه، فمن أشاد به ذاع صيته وتناقلت شعره الركبان. والشعر الجاهلي شعر مروي لم يدون إلا في أوائل القرن الثاني للهجرة، وهذا ما يفسر ضياع أغلبه. فالكثير من رواته ذهبت بهم حروب الفتح، وأوفر هذه القصائد حظا من الحفظ هي المعلقات أو المذهبات، وقد عدت المعلقات من أفضل ما وصلنا من العصر الجاهلي. ويزعم أغلب المؤرخين أنها سبع قصائد اختارتها العرب فكتبتها بماء الذهب، ثم علقتها على الكعبة إعجابا بها، وأصحابها هم: امرؤ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وطرفة بن العبد، ولبيد بن ربيعة، وعنترة بن شداد، وعمرو بن كلثوم، والحارث بن حلزة.
وتتناول القصيدة الجاهلية مجموعة من الموضوعات و العواطف المختلفة في بناء ينقسم إلى ثلاثة أقسام، إذ يستهل الشاعر القسم الأول بالبكاء على الديار القديمة (الوقوف على الأطلال) التي رحل عنها، وترك فيها ذكرياته، ثم التغزل بالمحبوبة، أي التشبيب، وهو ينقسم إلى قسمين: غزل عفيف، يدور حول بث الشوق واللوعة، وغزل حي، يصف جمال المرأة: شعرها وعنقها وجبينها وعينها وأسنانها وطولها.. كما يصف ثيابها وزينتها وعفتها، ثم ينتقل الشاعر إلى وصف عنها، أي ترحالها مع قبيلتها إلى مكان آخر بحثا عن الماء والكلأ..
والقسم الثاني هو الرحلة، يصف فيه الشاعر رحلته ووسيلة تنقله، وكل ما تقع عليه عيناه في الصحراء من حيوان وزواحف وطير، والمصاعب التي تعترضه، والفلاة التي يقطعها ليبين شجاعته وبأسه.
والقسم الثالث هو الغرض الرئيس في القصيدة، وهو إما فخر أو مدح أو رثاء أو هجاء أو عتاب أو اعتذار أو حكمة
فالفخر فخر بالقبيلة وبالنفس، وهو من مقومات الحياة القبلية، يفخر فيه الشاعر بالتب والشجاعة والكرم والإسراع إلى معونة الآخرين، والمدح هو ثناء على الممدوح وفضائله ومآثره، ويغلب على أهل البادية كما نرى ذلك عند امرئ القيس وزهير بن أبي سلمى، ومدح للتكسب يغلب على أهل الحضر كما نرى عند النابغة الذبياني والأعشى، والرثاء هو مديح الميت، يصف فيه الشاعر الجاهلي المرثي بجميع الصفات التي يصف بها الممدوح، والهجاء عكس المدح يوصف فيه المهجو وقبيلته بصفة النسب والجبن والبخل، أما الحكمة، فهي قول موجز مشهور، يتضمن معنی مسلما به، ويعبر عن خلاصة تجارب صاحبها في الحياة.
الشعر في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي
ظل الشعر في عهد الرسول جاهليا في شكله، فشعر طبقة المخضرمين التي عاشت في الجاهلية، وأدركت الإسلام ککعب بن زهير، والحطيئة، ومعن بن أوس، والنابغة الجعدي استمرار للمذهب الجاهلي، ولم يتأثر شعرها بالإسلام إلا في بعض موضوعاته. وبعد أن دانت قريش وسائر العرب للدين الجديد قل الهجاء المقذع والمدح المبالغ فيه والغزل الصريح والفخر بالخمر وبالثأر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهی عن الشعر الذي يثير الأحقاد والعصبيات، أو يشجع على ارتكاب الفاحشة.
وقد انتهج الخلفاء الراشدون نهج الرسول؛ فقد روي أن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - حبس الشاعر الحطيئة حين أقذع في هجائه للزبرقان بن بدر، ولما طلب منه الحطيئة العفو؛ لأن حبه حال دون الاهتمام بأولاده، عفا عنه، وخلى سبيله على ألا يهجو أحدا من المسلمين. وكثر رثاء الشهداء والإشادة بالإسلام ومدح الرسول الكريم. ومن رواد هذا الفن الشاعر حسان بن ثابت الملقب بشاعر الرسول، فقد كان يمدح الرسول ويرد عنه هجاء المشركين، وقد كثرت في شعره التعابير الإسلامية والاقتباس من القرآن الكريم، ومن ذلك قوله: