تحليل قصيدة سكر الوقت لغة عربية صف ثاني عشر

عرض بكامل الشاشة

البيانات

تحليل قصيدة سكر الوقت 

يمثل الإيقاع بنية مركزية في هذا النص ونتعاضد معه بني الصورة والمفارقة واللغة التي تزيح المألوف في إنتاجها لعوالم القصيدة ، فضلاً عن التشكيل البصري ودلالاته ، لأن قصيدة « سكر الوقت » تنتمي إلى شعر التفعيلة وهي من البحر المتدارك ( فاعلن، فعلن ) وهذا يعني ان مشروع إبراهيم الشعري يرتبط بالوزن ، وهو ارتباط ينم عن مقدرة في تكييف الموسيقى الخارجية المصلحة الشعر خاصة أن القصيدة ليس فيها أي خلل عروضي ، فضلاً على استثمارها الإيقاع الداخلي بكثافة عبر بنية التواري ، وما يمكن ان تحدثه من اثر موسيقي اضافي في إيقاع القصيدة ، أما التشكيلة البصرية في قصيدة ( سكر الوقت ) ، فإنها تمتاز بالاعتماد على السطور القصيرة والبناء الهرمي المثلث والمقلوب كما في التشكيل الآتي : 

ولكل بناء في هذا التشكيل وظيفته ، فحين يكون الهرم مقلوباً هناك بنية تلاش وضمور ( عربة ) وحين يكون الهرم اعتيادياً يكون الوجود طبيعياً معتادا ، وهنا يمكن القول إن ما ينتظم في التشكيل البصري يمثل انعكاسا للصراع في فضاءات القصيدة المختلفة ، وعلى النحو الآتي : يقوم النص على إجراء مقاربة بين الوطن والآخر من خلال مجموعة علائم ، بعضها يومي وأخر كوني ، ولكل علامة تقدها وامتداداتها وتاويلاتها ، فسكر الوقت يبعده البومي يتحول إلى الوطن أحيانا ، وإلى رمز للوجود في أحيان أخرى ، مثلما يتحول فصل الصيف من زمن يدفع للهرب نحو الأخر إلى وجود راسي للذات في الوطن : « هذا الصباح جديد ومختلف والسماء بحار من القيم تهم على الأرض موحا ولما تراه الشتاء تقدم ؟ ام انه الصيف . . » ، وتحول الصباح هنا هو الذي جعل الوقت سترا ومنح الزمن طعما مختلفا ، ولهذا كان سكر الوقت العنوان او ( الهادي ) لعلاقات النص كله ولازمة لتحولات القصيدة في معظم مواقعها : 

وعلى هذا المنوال يجري « سكر الوقت » في معظم مقاطع القصيدة وتحولاتها ، وتنبني التحولات على حقيقة أن الوطن يمثل العلاقة الصادقة مع الحياة ، والصلة الحميمة مع الأشياء في حين تصبح تلك العلاقة في بلاد الغربة باردة باهتة كالشاي البارد ، وهذه العلاقة تتضح من خلال التضاد بين صباحات الوطن وصباحات الغربة ، وهنا استعار النص المكان ليقدم صورة الزمات من خلال ما تتصف به الأزمنة في الأمكنة في الوطن والغربية ، ففي البدء كان العالم الآخر ( المواري للوطن ) مدهشا والوطن ألفة مكررة الملامح والعالم ، وهي علاقة نمطية بين الإنسان والمكان لكن هذه النمطية سرعان ما تتحول إلى دهشة وحنين تجاه الوطن وألفة وتكرار في الملامح مع الغربة ، يقول النص في بدايته عن الغربة : كل السكاكر مهما نقلبها ها هنا لا تبوح بأسرارها 

ان هذه الدهشة تقابلها ألفة : لا أحن لصيفي هناك وهي مقاربة بين صف الآخر وصيف الوطن ، وإذا كانت هذه المقاربة زمنية فإنها تنطوي على ملامح جمالية في المكان والعلاقة مع الناس : لا احن إلى صيفي هناك . . . وفي هذا اصبح الوطن ( هناك ) والغربة ( هنا ) وفي هذا السياق يتحدث النص بذاكرة الغربة ، ثم يفجر السر في هذا التحول فيقول : وهنا يحدث ما يشبه بعودة الوعي نحو الأشياء وعلاقاتها ، كما ملاحظ طريقة استثمار النص لموضوعة السكر وتحويلها إلى قضية كونية تتعلق بالذات والوطن والآخر من خلال يوميات معتادة في الحياة ، لذلك نجد أن النص ضغط على مفردة السكر في معطم مقاطعة ، ليعيد التوازن المضطرب في علاقة الأنا مع الآخر ، فما ان بدات الذات باكتشاف حقيقة الأخر حتى تحولت الدهشة إلى الوطن ، والألفة إلى القرية يقول النص : تذكرت شاي بلادي مرارته حلوة 

الفرنجة ليسوا كأرض الفرنجة خضراء مفعمة بالمحبة هم كحديد المصانع الشوارع ميتة المحلات مقفلة « لقد أعتمد النص على بنية السرد في التعبير عن علاقة الكائن مع الوطن والغربة عنه ووصل هذا التعبير إلى حد تلاشي الوجود في القرية ، وهنا عبر النص عن هذا التلاشي من خلال بنية المفارقة إذ يبدو النص الظاهر أن الذات أقوى من الآخر الذي هو في حالة ضعف ، ولكن الحقيقة أن الآخر هو الذي تجاوز الذات بقوته بسبب وجوده في وطنه وقد كرر هذا المقطع بصيغتين متشابهتين تعبرات عن صورة واحدة : أتعالى على النائمين واعبر بين حذائي وقبعتي بسلام .

شارك الملف

آخر الملفات المضافة

أكثر الملفات تحميلا