كتاب الطالب أمن الماء والغذاء في الوطن العربي الاجتماعيات الصف الحادي عشر الفصل الثالث 2023-2024
تحقيق أمن الماء والغذاء فى الخليج العربي
تمثل قضية الماء والغذاء مصدر قلق كبيرا عل الصعيد العالمي، في ظل تزايد عدد سكان العالم، والتقد الاقتصادي، واستنزاف موارد الأرض، والتغير المناخي. وإن كان الاتجاه السابق مال إلى معالجة الأمن المائي باستقلال عن الأمن الغذائي، فإن النظرة الجديدة تقوم على فهم الارتباط الوثيق والآثار المتباد لة فيا بينها، وإدراك أنه لا يمكن عمليا معالجة أحدهما بمعزل عن الآخر، وأن سياسات الأمن المائي لابد من أن تكون متكاملة سياسات الأمن الغذائي.
لا تتجلى أهمية الماء في ضرورته للحفافظ على حياة الإنسان فقط، بل أيضا مهم للصحة العامة وإنتاج الغذاء والطاقة، وبالتالي الازدهار لمجتمعنا. وعلى الرغم من هذه الأهمية، لا يوجد اتفاق عالمي على تعريف موحد للأمن المائي؛ فبينما يعرفه فالكنبارك بأنه «أقل من 1000 متر مكعب للفرد سنويا»، عرفته منظمة الشراكة العالمية للمياه بأن «. ينعم كل شخص بإمكانية الحصول على ما يكفي من المياه الآمنة بتكلفة تستطيع تحملها ليعيش حياة نظيفة وصحية ومنتجة، مع ضمان أن البيئة الطبيعية محمية ومعززة»، وهناك تعريف أكثر شمولية وأكثر تطابقا مع مبدأ التنمية المستدامة طرحه جراي وسادوف، اللذان يعرفان الأمن المائي بأنه «توافر المياه بكمية مقبولة ونوعية جيدة مناسبة للصحة وأغراض المعيشة، والنظم البيئية، والإنتاج، إلى جانب إبقاء المخاطر المرتبطة بالماء في مستوى مقبول بالنسـبة للناس والبيئات والاقتصادات».
لقد أصبحت المياه مصدر خوف بشكل متزايد لعدة أسباب؛ بدءا من النقص المادي أو تلوث المياه العذبة، و ضعف البنية التحتية، والنمو السكاني والاقتصادي السريعين، وصولا إلى عدم كفاءة استخدام المياه، والمنافسة على المياه بين مختلف القطاعات. وزاد تغير المناخ من حالة عدم التيقن بالنسبة لتوافر المياه. ومع ذلك تم الإقرار على نطاق واسع بأن معظم الدول لديها ما يكفي من المياه للمحافظة على تنمية بشرية عالية، إذا أدارت مياهها سليمه صحيحة؛ لذا فإن أزمة المياه في العالم تعود بالدرجة الأولى إلى فشل السياسة والحوكمة المائيتين؛ ما يعني أن دول العالم عامة بحاجة إلى تحسين كفاءة إدارة الطلب على المياه، قبل أن تتجه إلى تعزيز الإ مدادات، من خلال استخدام منهج الإدارة المتكاملة للموارد المائية.
وفي مسألة الغذاء، لوحظ في الأعوام الأخيرة تغير هيكل جوهري في التوازن العالمي بين إمدادات الغذاء وبين الطلب عليه، وينعكس هذا بصورة متزايدة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية. وتتأثر الإمدادات الغذائية في العالم بعدد من العوامل التي يمكن أن تضيف إلى المستقبل المجهول مزيدا من عدم التيقن بالنسبة لأمن الغذاء العالمي، وأهم هذه العوامل: تزايد ندرة المياه والأراضي، وإنتاج الوقود الحيوي مع صلاته القوية بالأسواق وأنماط استخدام الموارد، والتغير المناخي الذي يشكل بدوره مضاعفا للتهديد، وانخفاض الإنتاجية الزراعية.
ولاشك في أن من العوامل الرئيسية لتراجع أمن الغذاء في العالم في الفترة الأخيرة، الأنظمة الغذائية نتيجة للتحضر السريع الذي يتم في جميع أنحاء العالم، حيث يمارس الناس طلباتهم على أنظمة غذائية جديدة شديدة الاستخدام للمياه، ويطلبون كميات أكبر من المياه لأغراض الشرب والصرف الصحي، ويزداد طلبهم على الطاقة الكهربائية (التي تعد في حد ذاتها مصدرا مكثفا لاستخدام المياه). ومن العوامل الأخرى التي لا يمكن إغفالها هدر الغذاء، فكمية الأغذية المهدورة في السلسلة الممتدة من "الحقل إلى المائدة" كبيرة للغاية في كثير من البيئات.
وبالنظر إلى التوزيع غير المنتظم للموارد المائية والأراضي، فإن تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء هدف بعيد المنال في الدول التي تواجه ندرة متزايدة في هذه الموارد. وعلاوة على ذلك، فإنه في الوقت الذي تنمو فيه المداخيل وتتنوع فيه الأنظمة الغذائية، فإن معظم الدول تصبح ، لا محالة، مستوردة رئيسية للمنتجات الزراعية، عندما لا يعود الإنتاج المحلي الدول تصبح يلبي الطلب.
لقد طرح مؤتمر القمة العالمي للأغذية لعام 1996، الذي نظمته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، تعريفا للأمن الغذائي بأنه يتحقق «عندما يكون لجميع الناس، وفي جميع الأوقات القدرة عل الحصول عل كميات كافية من الغذاء السليم والمغذي لتلبية احتياجاتهم ويحقق أفضلياتهم الغذائية ليعيشوا حياة نشطة وصحية».
وقد ركزت لجنة الزراعة المستدامة وتغير المناخ على ثلاث سياسات لمواجهة تحديات الأمن الغذائي على صعيد العالم، وهي: زيادة الإنتاج الغذائي، والحد من الخسائر في السلسلة الغذائية، وخفض الطلب عل المواد الغذائية عن طريق إجراء تعديلات ملائمة في تركيب الوجبات الغذائية. وبينيا كانت دول العالم تولي اهترامها لزيادة الإنتاج الغذائي، فإن هناك حاجة أيضا إلى مواصلة إدارة التغذية للسكان من أجل ضان إنتاج صحي، وخالي من الآثار السلبية.
إن قضية الماء والغذاء تثير القلق عل نحو خاص في منطقة الخليج العري، وهي قضية لا تتعلق بمستوى المعيشة فحسب، بل بتقدم اقتصادات دول المنطقة وتنميتها الاقتصادية والاجتماعية أيضا.
فعلى صعيد الوضع المائي، تواجه دول الخليج العربية مشكلة مركبة؛ فهي تعاني قلة الموارد المائية المتجددة، والزيادة العالية في الطلب على المياه، والاستخدام غير الرشيد هذه الموارد. وفي الجهة المقابلة، يستحوذ القطاع الزراعي في دول الخليج العربية على النصيب الأكبر من الاستخدام الكلي للمياه، ولكن هذا القطاع يعتمد سياسات غير مستدامة في مجال الري وأنواع المحاصيل الشديدة الاستخدام للمياه، إضافة إلى أن نسبة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ضئيلة، ومثلها نسبة ما تسهم به المحاصيل الزراعية المنتجة محليا في الأمن الغذائي.
تعتمد دول الخليج العربية اعتمادا كبيرا على المياه الجوفية غير المتجددة وتحلية مياه البحر، نتيجة لظروفها الجيومناخية والجيوسياسية. والحقيقة أنه رغم أن دول الخليج تصنف ضمن الدول ذات الندرة المائية، أو حتى ذات الندرة المائية المطلقة، فإن هذا التصنيف يستبعد كمية المياه المحلاة، وفي الواقع إن خيار تحلية المياه يجعل أمن إمدادات المياه أكثر أمنا مما كانت عليه في الماضي، وإن كان هذا الخيار يتطلب كثافة في رأس المال.
لقد استطاعت دول الخليج، نتيجة للثروة المتحققة من عائدات النفط، تعويض نقص المياه من طريق تحلية مياه البحر، لذا فإن التحديات الحالية في قطاع المياه بدول الخليج ليست في نقص موارد المياه، ولكن في السياسة المائية، وحوكمة المياه، وإدارة المياه الحضرية، وأفضل المارسات التي يمكن استخدامها للتصدي لهذه التحديات. ولاشك في أن تحسين حوكمة المياه في مستويات الحكومة كافة يعد ، المستدامة للمياه ومهبا لتحقيق الأمن المائي.
إن معظم التحديات والضغوط الواقعة على قطاع المياه في دول المجلس سببها قوى دافعة تقع خارج مجال التحكم في قطاع المياه (مثل النمو السكاني والاقتصادي المتسارعين، سياسات الدعم الحكومي، والسياسات الزراعية)، ويعود مجال التحكم فيها إلى مستويات أعلى من قطاع المياه تتركز في عمليتي صنع السياسات واتخاذ القرار على المستوى الوطني. ولذا، فإن مسألة الأمن المائي أو الاستدامة المائية، كإحدى قضايا الأمن غير التقليدي في دول المجلس، يجب النظر إليها على أعلى المستويات في هذه الدول، ولتحقيقها يجب أن يؤخذ في الاعتبار السياسات السكانية والاقتصادية والزراعية، بالإضافة إلى سياسات الدعم العام الذي تنتهجه دول المجلس.
إن مواجهة التحديات المائية التي تعيشها، وستعيشها، دول مجلس التعاون الواقعة في أشد المناطق ندرة في المياه في العالم لتحقيق الأمن المائي بمفهومه المتقدم يتطلب تدخلا جذريا في البيئة الاجتراعية والاقتصادية السائدة في دول المجلس، وتعاملا رفيعا وعاليا من الإرادة السياسية والمستوى الإداري والعلمي والتقني للتصدي لها. والأهم من ذلك هو تحسين مستوى "الحوكمة" لينتقل سلوك المجتمع من كونه جزءا رئيسيا من المشكلة المائية إلى جزء رئيسي في حلها.
ولتعزيز الأمن المائي في دول الخليج العربية، لابد من تبني ست خطوات: أربع منها تقوم على التقنيات الموجودة حاليا، واثنتان منها تعتمدان بشكل رئيسي على الإجراءات الاقتصادية- الاجتماعية والسياسية من جانب الحكومات. والخطوات الست، هي: الحفاظ على مياه الري من خلال استخدام تقنيات متقدمة في توفير المياه مثل الري المحوري والري بالتنقيط؛ وتطوير البنية التحتية للمياه للتخلص من تسربها وتبخرها؛ واستغلال التقنيات المتطورة لتحلية المياه وهي التقنيات التي تقلل من التكلفة ومن الآثار البيئية؛ والتوسع في إعادة تدوير مياه الصرف الصحي؛ وإعادة تسعير المياه لتغطية التكاليف الاقتصادية والبيئية الكاملة، ما سيكون له أثره في ترشيد استخدام المياه؛ واستخدام المياه الافتراضية الكامنة في الموارد الغذائية والمنتجات الزراعية المستوردة.
وحيث إن دول الخليج العربية ربطت أمنها المائي بتقنية تحلية مياه البحر، فإن هناك بعدا جيوسياسيا لأمنها المائي، يرتبط بتوفير الحماية لهذه المنشآت من التعرض للأخطار الطبيعية، والهجرات الإرهابية، أو الاعتداءات من طرف دول مجاورة (مثل إيران)، أو حتى من الحوادث غير المتعمدة (مثل تلوث مياه الخليج بسبب تسرب نفطي من ناقلات النفط) والأعطال التقنية العادية التي قد تؤدي إلى انقطاع كبير وواسع في إمدادات المياه؛ الأمر الذي يفرض عل هذه الدول اتخاذ التدابير الوقائية لحياية هذه المرافق والمدشآت الحساسة، وتوفير مخزون احتياطي من المياه في حالات الطوارئ.
أما على صعيد الأمن الغذائي فللوهلة الأولى لا يبدو أن دول الخليج العربية تعاني مشكلات كثيرة في مجال الأمن الغذائي؛ إذ يصنفها تقرير صدر مؤخرا حول سياسات الغذاء عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية جميعها على أنها دول "منخفضة المخاطر" في مجال انعدام الأمن الغذائي، بالمقارنة مع بقية دول المنطقة. لكن عند النظر فيما وراء الأرقام الإجمالية، نجد أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تتأثر ببعض "نقاط الضعف"، ولاسيما في عالم أكثر تقلبا، بينما في ذلك ارتفاع مستويات الاعتماد على الواردات الغذائية، وانخفاض حصة الإنتاج الزراعي.
تعتمد مدن دول الخليج العربية اعتمادا كبيرا على الواردات الغذائية، ومن المتوقع أن تستمر حالة الاعتماد هذه في الازدياد نتيجة للتزايد السريع في عدد السكان، وتحسن الظروف المعيشية، والتنمية الاقتصادية/ الصناعية المستدامة. ولتلبية الاحتياجات الغذائية لدول الخليج يتعين عليها الاعتماد على الأسواق الدولية، مما يجعلها عرضة لتقلبات الإنتاج العالمي للأغذية، والسياسات التجارية، وأسعار السلع الأساسية. وقد تجلى هذا في أزمة الغذاء خلال عامي 2007 و2008، التي دفعت دول الخليج العربية إلى اعتماد استراتيجيات تشمل بناء احتياطي استراتيجي وطني من المواد الغذائية، ورفع مستوى الدعم، والحصول على أراض في الخارج للاستثمارات الزراعية من خلال اتفاقيات ثنائية. وهذه التدابير قد يكون لها بعض السلبيات على المدى الطويل، مثل بقاء تقلب الأسعار، وتأثير الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية في صفقات الأراضي، وتأثر التجارة بالأحداث أو الصراعات الدولية، وغير ذلك. والمطلوب هو استراتيجية أمن غذائي متعددة الجوانب تعتمد على عناصر من التدابير المذكورة أعلاه، وفي الوقت نفسه إدماجها ضمن نهج يشمل المنطقة.
وبالنظر إلى الأسواق المعولمة التي يتسم بها قطاع الحبوب، تحديدا، وبالتالي القدرة المحدودة للدول الصغيرة في دول مجلس التعاون على تحقيق الاستقرار فيها عل نحو فعال، فإن التعاون على المستوى الإقليمي تبرز أهميته بصورة خاصة؛ نظرا لتشابك التحديات والأسواق في منطقة مجلس التعاون، ومن ثم ينصح باعتماد استراتيجية متعددة، ويطرح الكتاب عددا من التوجهات الاستراتيجية الواعدة لتحقيق الأمن الغذائي في دول المنطقة تشمل: بناء احتياطي غذائي إقليمي للحد من تقلبات السوق، وإقامة نظام مشتريات على مستوى المنطقة يقوم على أساس أدوات مالية مبتكرة، وتوحيد صناديق تمويل البحث والتطوير الزراعي وتعزيز تأثيرها، واستخدام المياه على نحو أكثر كفاءة من خلال تقييم البصمة المائية لأنماط الإنتاج والاستهلاك والتجارة.
وهناك عناصر حاسمة أخرى لاستراتيجية الأمن الغذائي الشاملة، وهي: إصلاح الدعم الغذائي والحراية الاجتراعية، وتعزيز التنمية الزراعية والاقتصادية الشاملة في المناطق التي توجد فيها فوائد نسبية، وتشجيع التغيرات في أفضليات الاستهلاك وأنماط التغذية. أضف إلى ذلك أنه بالنظر إلى اعتماد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على إنتاج الغذاء من دول (نامية غالبا) ذات إمكانات زراعية ضخمة، فإنه ينبغي دراسة استراتيجيات اقتصادية التكلفة فيا يتعلق بأفضل طرق تعاون بين دول مجلس التعاون وتلك الدول.
وتعاني دولة الإمارات العربية المتحدة، من جهتها، شحا في مواردها المائية المتجددة نتيجة لوقوعها في حزام المناطق الجافة. ومع اكتشاف النفط في بداية الستينيات من القرن العشرين، حدثت طفرة وزيادة كبيرة في معدلات التنمية وفي معدلات النمو السكاني. وقد أدى ذلك إلى الضغط على موارد المياه العذبة الشحيحة، والضخ الجائر من الخزانات الجوفية غير المتجددة لتلبية الزيادة في الطلب على موارد المياه. وقد نتج عن هذا الضخ الجائر من الخزانات الجوفية هبوط كبير في مناسيب المياه فيها، وتدهور نوعيتها في بعض مناطق الدولة.
ومع زيادة الطلب على المياه، ظهرت فجوة بين الموارد المائية المتاحة والطلب المتزايد عليها. ولسد هذه الفجوة وتحقيق الأمن المائي لجأت الحكومة إلى زيادة الاستثمار في المصادر المائية غير التقليدية، مثل التحلية وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج، بالرغم من ارتفاع تكلفتها، ووجود بعض الآثار البيئية المصاحبة لها. كما ركزت على جملة من التدابير لتعزيز إدارة الطلب بيا يتوافق مع مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، مثل تحسين الأطر المؤسسية والتشريعية الرامية إلى المحافظة عل الموارد المائية، ومحاربة أنماط الاستهلاك غير الرشيد للمياه في القطاعات المختلفة، ولا سيما في القطاع الحضري، من خلال تطبيق نظام التعرفة التصاعدية على استهلاك المياه، واستخدام التقنيات الحديثة المرشدة للاستهلاك، والتوعية بطرق المحافظة على الموارد المائية وأساليبها.
أما على صعيد الغذاء فتعد دولة الإمارات العربية المتحدة "آمنة غذائيا"، ويعد نصيب الفرد في دولة الإمارات من الدخل مرتفعا، ما يمكن من تحمل تمويل الواردات الغذائية. ولكن أزمة الغذاء العالمية عام 2008 أثارت قلقا بشأن استمرارية هذا الشعور بالأمن الغذائي. وكان بالإمكان السيطرة على الأسعار المرتفعة للمواد الغذائية في بلد غني بالنفط والأموال النقدية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن القيود المفروضة على التجارة من طرف الدول المصدرة للغذاء، كانت مقلقة، وأثارت ذكريات من مواجهة عوائق أمام استيراد المواد الغذائية. وتمحور رد دولة الإمارات على الأزمة الغذائية العالمية في ثلاثة تدابير مختلفة: الرقابة على الأسعار، وبناء مخزون استراتيجي، والإعلان عن استثمارات زراعية خارجية (قائمة على نموذج شراء أو استئجار الأراضي الزراعية) في بلدان ينعدم فيها الأمن الغذائي مثل السودان وباكستان، كوسيلة لضمان إمدادات الغذاء في المستقبل.
لقد جاءت الاستثمارات الزراعية الدولية كرد فعل معلن، على نطاق واسع، على أزمة الغذاء العالمية من قبل دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الأخرى عام 2008. ومع سياسات أكثر أهمية، ولدى دولة الإمارات ذلك، فإنه يلزم لتحسين الأمن الغذائي تبني عدد كبير من الروافع الوطنية تحت تصفها للتأثير فيها لصالح البلاد. إن حلول التخزين الدولية، وغيرها من أشكال الالتزامات الأخرى، يمكن أن تجعل أسواق الغذاء العالمية أكثر مصداقية ويمكن التنبؤ بها. ويعد الأمن المائي جزءا لا يتجزأ من الأمن الغذائي، ولكن للمفارقة، يمكن تعزيز هذا الأمن عن طريق الحد من الزراعة التي تستهلك كميات كبيرة من المياه.
لقد أدركت دول الخليج العربية أن الأمن المائي والأمن الغذائي ركيزتان أساسيتان للأمن الإنساني، ولذلك جعلتها ضمن الأولويات الوطنية؛ فاتجهت إلى إعادة النظر في السياسات الوطنية المتبعة في مجال إمداد الموارد المائية وإدارة الطلب عليها، وكذلك في القطاع الزراعي وكيفية تحقيق الأمن الغذائي، وحيث إن الوضع المائي والغذائي في هذه الدول يكاد يكون متماثلا