كتاب النصوص اللغة العربية للصف التاسع الفصل الثاني 2021-2022
الشعر الجاهلي
الشعر الجاهلي هو الشعر العربي الذى قيل قبل الإسلام، وقد تميز العرب عن سواهم من الأمم الأخرى بصفاء القريحة وملاءمتهم بين بيئتهم وخيالهم وتأملهم، فكانوا أشعر الأمم.
فالبادية بيئة الشعر الجاهلي، ولذلك كان الشعر مرآة لهذه الحياة البدوية القاسية الخشنة، يصف الأطلال والديار والانتجاع والظعن والفلاة والحيوان والمعارك وآبار المياه.
لقد كان الشعر ديوان حكم العرب وعلومهم، وسجل وقائعهم وسيرهم، ومادة حوارهم، يرتجلونه؛ ليعبروا عما يختلج في صدورهم من عواطف وهموم. والشعر الجاهلي شعر غنائي ذاتي يصور نفسية الشاعر وأحاسيسه، سواء أكان يتغزل أم يفخر أم يمدح أم يهجو أم يعتذر أم يصف. لقد كان الشعر ينشد إنشادا أو يغنى غناء، فالغناء كان أساس تعلم الشعر ومن أساليب التعبير عنه.
وتظهر موسيقى الغناء في وزن القصيدة وحرف رويها (قافيتها) الموحد؛ فإن كان حرف الروي (القافية) في القصيدة (الباء) تسمى القصيدة (بائية)، وإن كان حرف الردي في القصيدة (الدال) تسمى القصيدة (دالية)، وإن كان حرف الروي في القصيدة (نونا) تسمى القصيدة (نونية).
وقد تبوأ الشاعر الجاهلي مكانة مرموقة في عصره فكان لسان قبيلته، كما لعبت الأسواق الموسمية الكبرى دورا مهما في التعريف بالشعراء ونقل أشعارهم بين القبائل الأخرى. فالأسواق لم تكن للبيع والشراء فحسب، بل كانت -أيضا- للخطابة والشعر، ومن أهم هذه الأسواق: سوق عكاظ، وهي سوق في صحراء بين نخلة والطائف شرق مكة، وكانت تستمر عشرين يوما، وسوق ذى المجاز قرب ينبع، وينبع ثغر مدينة الرسول، وسوق ذي المجنة قرب مكة.
ويذهب المؤرخون إلى أن التابغة الذبياني كان من المحكمين، تقام له في هذه الأسوق قبة، يذهب إليها الشعراء» ليعرضوا شعرهم عليه، فمن أشاد به ذاع صيته وتناقلت شعره الركبان.
والشعر الجاهلي شعر مروي لم يدون إلا في أوائل القرن الثاني للهجرة، وهذا ما يفسر ضياع أغلبه. فالكثير من رواته ذهبت بهم حروب الفتح، وأوفر هذه القصائد حفظا الحفظ هي المعلقات أو المذهبات، وقد عدت المعلقات من أفضل ما وصلنا من العصر الجاهلي. ويزعم أغلب المؤرخين أنها سبع قصائد اختارتها العرب فكتبتها بماء الذهب، ثم علقتها على الكعبة إعجابا بها، وأصحابها هم: امرؤ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وطرفة العبد، ولبيد بن ربيعة، وعنترة بن شداد، وعمرو بن كلثوم، والحارث بن حلزة.
وتتناول القصيدة الجاهلية مجموعة من الموضوعات والعواطف المختلفة في بناء ينقسم إلى ثلاثة أقسام، إذ يستهل الشاعر القسم الأول بالبكاء على الديار القديمة (الوقوف على الأطلال) التي رحل عنها، وترك فيها ذكرياته، ثم التغزل بالمحبوبة، أي التشبيب، وهو ينقسم إلى قسمين: غزل عفيف، يدور حول بث الشوق واللوعة، وغزل حسي، يصف جمال المرأة: شعرها وعنقها وجبينها وعينها وأسنانها وطولها.. كما يصف ثيابها وزينتها وعفتها، ثم ينتقل الشاعر إلى وصف ظعنها، أي ترحالها مع قبيلتها إلى مكان آخر بحثا عن الماء والكلأ.
والقسم الثاني هو الرحلة، يصف فيه الشاعر رحلته ووسيلة تنقله، وكل ما تقع عليه عيناه في الصحراء من حيوان وزواحف وطير، والمصاعب التي تعترضه، والفلاة التي يقطعها ليبين شجاعته ويأسه.
والقسم الثالث هو الغرض الرئيس في القصيدة، وهو إما فخر أو مدح أو رثاء أو هجاء أو عتاب أو اعتذار أو حكمة.
فالفخر فخر بالقبيلة وبالنفس، وهو من مقومات الحياة القبلية، يفخر فيه الشاعر بالنسب والشجاعة والكرم والإسراع إلى معونة الآخرين، والمدح هو ثناء على الممدوح وفضائله ومآثره، ويغلب على أهل البادية كما نرى ذلك عند امرئ القيس وزهير بن أبي سلمى، ومدح للتكسب يغلب على أهل الحضر كما نرى عند النابغة الذبياني والأعشى، والرثاء هو مديح الميت، يصف فيه الشاعر الجاهلي المرثي بجميع الصفات التي يصف بها الممدوح، والهجاء عك المدح يوصف فيه المهجو وقبيلته بضعة النسب والجبن والبخل، أما الحكمة، فهي قول موجز مشهور، يتضمن معنى ملما به، ويعبر عن خلاصة تجارب صاحبها في الحياة.
الشعر العربي الحديث
الأدب العربي الحديث" هو الأدب الذي ظهر تاريخيا فيما يطلق عليه العصر الحديث، هذا العصر الذي يصعب تحديده حب الحقب أو الحوادث التاريخية، فالعصر العثماني انتهى في بعض الأقطار العربية بعد الحرب العالمية الأولى عام 1918، ولم يكن له وجود في أقطار عربية قبل ذلك بقرون. وقد أولى بعض الدارسين أهمية للحملة الفرنسية عام 1798— 1801 على مصر وبلاد الشام، وهي حملة استعمارية جلبت معها بعض العناصر الثقافية من مثل المطبعة والصحيفة والمرصد والمكتبة والمسرح والعلماء، وهو ما نبه الناس في مصر إلى تخلف الواقع وضرورة الانفتاح على العصر، وبناء جيش قوي، شرع في تأسيسه محمد علي، بعد أن سيطر على الحكم بعد جلاء الحملة الفرنسية.
ومن أجل بناء جيش قوي أرسل محمد علي البعثات إلى إيطاليا وفرنسا، وكان رفاعة الطهطاوي مرشدا دينيا لطلاب البعثة الرابعة إلى فرنسا، أفاد من هذه الرحلة في ترجمة المعارف المختلفة، وتعرف الفرق بين واقع المصريين وواقع الغربيين. وقد اهتم الخديوي إسماعيل بالحركة العلمية، فأنشأ مدارس للعلوم والهندسة والطب والحرب، واستأنف إرسال البعثات إلى أوروبا، وأسس نظارة المدارس، وعهد إليها أمر التعليم، وأنشأ المكتبة الخديوية، وبنى مدرسة المعلمين، وبسط يد المؤلفين، فنزح إليها الأجانب من أدباء وعلماء، فكان اختلاط هؤلاء بالمصريين سبيا في نهوض اللغة والأدب.
ومهما يكن من أمر فإن الحياة الثقافية والأدبية أفادت على نحو غير مباشر من هذه الحركة العلمية التي صاحبت إنشاء المدارس المختلفة العامة والمتخصصة لخدمة الجيش، فكان أن ظهرت تيارات فكرية وثقافية مختلفة كان أهمها تيار إحياء التراث لمواجهة النماذج الأدبية والفكرية الغربية، وبدا ذلك واضحا في الشعر؛ إذ مال الشعراء إلى إحياء النماذج التراثية في العصرين الأموي والعباسي، وبرز من الشعراء الإحيائيين نخبة في أقطار الوطن العربي على رأسهم محمود سامي البارودي، وضمت هذه النخبة أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وخليل مطران، وإبراهيم اليازجي، والزهاوي، والرصافي في العراق، والأمير عبد القادر الجزائري، وأبو مسلم البهلاني في عمان.
وتلا ذلك جيل ظل متعلقا بأهداب الكلاسيكية، ممن سموا بالكلاسيكيين الجدد، من مثل الجواهري، وعمر أبو ريشة، وعزيز أباظة، وإبراهيم طوقان، ومصطفى وهبي التل، وبدوي الجبل، إلى جانب شعراء العصبة الأندلسية، وهم شعراء المهجر الجنوبي.
وقد نزعت جماعة (الديوان) المؤلفة من عباس محمود العقاد، وإبراهيم عبد القادر المازني، وعبد الرحمن شكري منزعا (رومنطيقيا) وأعجت باللون الغنائي الذاتي واللغة العصرية البسيطة، وقد دعت في «الديوان» الذي صدر منه جزءان، شارك فيهما العقاد والمازني سنة 1921 إلى الصدق في الإحساس والتعبير، ونقدوا المدرسة الكلاسيكية الجديدة، وخاصة أحمد شوقي، وحافظ ابراهيم نقدا لاذعا.
والتقت جماعة الديوان مع الرابطة القلمية في مبادئها وفي مفهومهاللشعر، وبدا الجانب الرومانتيكي واضحا في خصائص الشعر لديها، على نحو ما ظهر في العلاقة بين العقـاد وميخائيل نعيمة. ومن أعلام الرابطة القلمية: جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، ونسيب عريضة، وإيليا أبو ماضي، وأمين الريحاني، وقد تأسست الرابطة القلمية سنة 1920 واتخذت من نيويورك مقرا لها، فثارت على الصور الشعرية القديمة، واستخدمت صورا منطيقية جديدة، ومضامين حديثة، وتأثرت بالطبيعة والحرية.
هيمنت (الرومانتيكية) على الساحة الأدبية في الأقطار العربية خلال الثلاثينات والأربعينات، وقد ظهرت ملامح الحركة (الرومانتيكية) بوضوح شديد في «جماعة أبولو» التي أسسها أحمد زكي أبو شادي، وانضم إليها أعلام (الرومانتيكية) في الوطن العربي من مثل: علي محمود طه، وإبراهيم ناجي، وأبو القاسم الشابي، وأنور العطار. وكانت مجلة أبولو (1934- 1932) قد أحدثت نهضة شعرية على مستوى الشكل والمضمون، وظهرت التجديد في المعجم والصورة والإيقاع. فيها ملامح التحول في تعدد القوافي
وكان من الطبيعي أن يفجر الشعراء الشباب عواطفهم (الرومانتيكية) في شكل جديد هو شكل الشعر الجديد، أو قصيدة التفعيلة؛ لأسباب فتية واجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية بعد الحرب العالمية الثانية متأثرين بمنجزات (الرومانتيكية) والرمزية اللتين شاعتا في مرحلة ما بين الحربين العالميتين، مما مهد الطريق لحركة الشعر الجديد أو شعر التفعيلة