رواية الوالد الذي عاش مع النعام عربي الصف السابع الفصل الثالث

رواية الوالد الذي عاش مع النعام عربي الصف السابع الفصل الثالث

رواية الوالد الذي عاش مع النعام عربي الصف السابع الفصل الثالث 

الفصل الأول

بيضات النعام في الرمل

نعق غراب في اللحظة التي بدأ فيها أفراد قبيلة من بدو الصحراء بطي خيامهم . توقف أفراد تلك المجموعة من الناس عن العمل ليصغوا السمع . نعيق غراب في الصباح الباكر علامة شؤم . رغم ذلك اخذوا قرارا بالبدء برحلتهم عبر الصحراء . 

لم يكن لديهم خيار آخر لأن جمالهم وماعزهم باتت تعاني من الجوع.

خلال سنوات كثيرة تلت أجبرت الشابة التي تدعى فاطمة على تذكر الصراخ المبحوح لذلك الغراب في ذلك الصباح الباكر .

كان علينا أن نستمع إلى ذلك التحذير ، فكر مرارا . كان علينا أن نمتنع عن الرحيل .

لكن فاطمة لم تدرك في ذلك الصباح ، أن ذلك اليوم سيصبح اليوم الأكثر شؤما في حياتها بأكملها . حينها ، عندما باشروا رحلتهم ، كانت لا تزال أما سعيدة ، وكانت صغيرة جدا في العمر ، بل لم تكن أكثر من طفلة هي أيضا . عندما بدأت تلك المجموعة من الناس والجمال والماعز بالسير على طريق رحلتها ببطء ، كانت هي تجلس على ظهر جملها الذي

بأغنيتها إلى درجة منعتها من ملاحظة أن جملها كان متأثرا جدا عن الآخرين . لفت نظرها لمعان أبيض في الرمل جعلها تستيقظ من حلمها وتتوقف عن الغناء لثمين الخمر . ما رأته هنا جعلها تش ځا وسعادة . فقد رأت حفرة في الرمل مليئة ببيضات كبيرة ، بيضاء اللوني مائلة إلى الصفار ، لامعة .

- توقفوا! انتظروا! لقد وجدت غش نعام، ضحت منادية على الآخرين .

لكن الآخرين لم يسمعوا نداءها .

كانت البيضات تلمع في الشمس . كانت عبارة عن طعام يكفي الإشباع الجميع لعدة أيام مقبلة . شدت فاطمه لجام جملها وجعلته يتوقف ويبرك على الأرض . قفت من فوق ظهر الجمل ووضعت طفلها إلى جانب العش . كانت ما تزال في غاية السعادة . أرادت أن تلم البيضات لتفاجئ بها الآخرين . لكن في اللحظة التي انحنت بها لتلتقط إحداها وقعت أول حادثة مشؤومة من حوادث ذلك اليوم المشؤوم .

فقد ركض جملها حتى اختفى وراء أول كثيب رملي كونته الريح .

- ابقى هنا ، قالت فاطمة لطفلها ، لا تخف ، سألحق بالجمل لأمك به وأعود به إلى هنا .
وهكذا ركضت فاطمه باتجاه الكثيب الرملي . ابنها هدارة الذي لم يكن عمره يزيد عن السنتين لوح بيديه تجاه أمه التي كانت تركض بشرقة جعلت ثوبها القائم اللون يتطاير من حولها . عندما باشرت فاطمه بالركض كان الهواء ساكنا ، لكن الريح كانت

قد حبست أنفاسها وحسب . ففي اللحظة التالية هبت مقتحمة الصحراء بزئير غاضب .

كانت تلك هي العاصفة الرملية الأولى التي تهب هذا العام ..

قامت العاصفة بجمع غيوم رملية ورمت بها تجاهها. لم تتمكن فاطمة من رؤية شيء بسبب الرمل الذي كان يملأ الهواء من حولها . لم يكن بوسعها سوى أن تختبئ تحت قماش الثوب الأسود الذي غطت به وجهها وشدته بيديها حول جسمها . رغم ذلك تسرب الرمل في كل مكان مما أجبرها على إغلاق فمها وعينيها .

هدارة ، ولدي ، ماذا جرى لك الآن؟ إنه السؤال الوحيد الذي كان يشغل بال فاطمة . هدارة ، يا طفلي الصغير ، هدارة ، ولدي ...

حاولت أن تقف وتسير عائدة إلى طفلها لكن الريح ترمتها أرضا . حاولت مرات عديدة لكن العاصفة والرمال التي كانت تضرها كالشوط منعاها من الاستمرار .

شعرت كأن تلك العاصفة الرملية دامت دهرا . فيما بعد، عندما كانت تتحدث عما جرى خلال هذا اليوم العيس ، كانت تقول إن تلك العاصفة كانت أفظع عاصفة رملية مرت بها ، وإنها استمرت لمدة سبعة أيام وسبع ليالي . وكانت دائما تقول إنها لم تشعر أبدا ، لا قبل ولا بعد بذلك اليأس الذي شعرت به عندها . حين هدأت العاصفة في نهاية المطاف ، وحين أزالت فاطمة قماش الثوب عن رأسها ونظرت حولها ، لم تتعرف إلى معالم المكان من حولها . گل ما هناك كان قد تغير مظهره 

 

الفصل الثاني

مدفون في الرمال

عادت النعامة التي تدعى ماكو إلى عش بيضها ورأت الطفل البشري الذي كان يجلس هناك ، صبي صغير بدين ، و شعر أسود ناعم وأنف غريب الشكل . لم يكن يرتدي سوی قميص أسود قصير . كانت النعامة قد شعرت بالخطر القادم . كما أحس الجمل بأن عاصفة رملية كانت في طريقها إلى ذلك المكان ، ولذلك عاد  عن مكان يحميه من الخطر ، كذلك شعرت العامة بما كان على وشك الحدوث. رأت ماکو الطفل البشري وفكرت بأنه بحاجة إلى من يحميه . تصقت بالضبط كما كانت ستتصرف لو كان لديها صغار خرجوا لتوهم من البيض . فقد فردت جناحيها وجلست فوق الطفل لتغطيه 

بعد فترة وجيزة أتيذى زوجها الذي يدعى حوج  جلس طائر النعام بجانب أنثاه وفد أجنحته الأكبر حجما فوقها وفوق الطفل . 

عندما وصلت العاصفة القاسية إليهم من طائرا النعام عنقيهما بمحاذاة الأرض . كادت الريح أن تقتلعهم من مكانهم وانتشر الرمل الهائج فوقهم

حتى غطى ثلاثتهم وكأنه غطاء سميك .

لن يذكر الصبي أيا من هذه الأحداث في المستقبل . 

ولن يخبره والداه بالتبني ، أي طائرا النعام بأي منها لاحقا .

عندما هدأت الريح حفر طائرا النعام لنفسيهما طريقا من تحت الطبقة الرملية التي كانت قد غطتهما معا ، مدا عنقيهما وهزا أجنحتهما ونظرا بقلق إلى الصبي . كان يجلس هناك باكيا . حز بكاؤه في نفس العامة ماكو لأن أطفالها لم يعرفوا البكاء أبدا . لم تكن تعلم ماذا ستفعل لتسكته ، لكنها لكزته بمنقارها وجعلته يقف على ساقيه . وقف الصبي واهنا ، وحين سارت لم يتبعها كما يفعل أي فرخ نعام . لذلك قالت لزوجها إن عليه أن يتمد على الأرض . دفعت بعدها بالطفل تجاه زوجها . بطريقة أو بأخرى نجحت في دفع الضبي إلى فوق ظهر دير العام . كان الطبي على قدر كاف من الأكاء جعله يمسك بريش الأكبر عندما قام هذا من مكانه ، ولذلك بقي الصبي معلقا فوق ظهره .

بدأ ذكر وأنثى النعام بالسير بطيئا تاركين ذلك الكثيب بمتاعهما العجيب . كانا يعلمان أن هناك صخرة ضخمة على بعير مسافة من هناك . كانت تلك الصخرة هي الهدف الذي سارا باتجاهه . كانا متشنجين وقلقين .

هل يصلان إلى الصخرة في الوقت الملائم یا ترى؟ كانا يعلما أن العاصفة قد هدأت لفترة قصيرة فقط لتلتقط أنفاسها ، وأنها ستنقض عليهما ثانية في وقت قريب .

وصلا بعد برهة إلى الصخرة السوداء التي كانا قد احتميا بها مرارا في السابق . كانت قطعة من الصخرة قد أفلتت من مكانها ، وها هي الآن تقف مائلة تجاه السور الصخري للجبل مشگل مغارة صغيرة . وصلا إلى فتحة المغارة في اللحظة التي انقضت فيها العاصفة على الصحراء عاوية من جديد . تمدد ذكر النعام على الأرض مرة أخرى وأنزل الضبي عن ظهره إلى الأرض داخل المغارة التي قدمت قدرا لا بأس به من الحماية . فلا الريح ولا الرمل المتطاير كانا يصلان إلى داخل المغارة .

- ما علينا سوى أن تنسى عش البيض ذاك ، قالت ماکو لزوجها حوج ، حين تعصف الريح هكذا ينتقل الرمل من مكان إلى آخر . لن تجد الغش مهما بحثنا عن مكانه .

- أجل ، أعلم ذلك ، قال زوجها حوج . يجب أن تضع بيضا من جدید .

- لكن، ماذا ستفعل بهذا؟ قالت النعامة . بهذا الطفل . يبدو بائسا لا عون له . أخشى أن يباشر البكاء مجددا .

الحقيقة هي أن طيور العام خرساء . فهي تفتقد للأوتار الصوتية ولا يمكنها إصدار الأصوات . لذلك نجد أن المحادثات التي تدور بين ماکو وحوج هي أحاديث صامتة لأن أفكارهما تنتقل بينهما من الواحد إلى الآخر.
لم تكن العامة تنتهي من جملة «أخشى أن يباشر البكاء مجددا » حتى أجهش الطبي بالبكاء . نظر طائرا العام بحيرة كل منهما باتجاه الآخر . بكاء الأطفال كان أمرا لا خبرة لهما به على الإطلاق